اختتم الفنان الجزائري عباس ريغي، أحد أبرز نجوم المالوف، فعاليات الطبعة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للمالوف، وسط حضور غفير اكتظت به قاعة “الزينيت” في قسنطينة. كانت السهرة الأخيرة بمثابة تتويج لهذه التظاهرة الثقافية، حيث قدّم ريغي باقة من أروع أغاني التراث المالوفي التي لامست قلوب الحاضرين، وخلّدت في ذاكرتهم ليلة استثنائية مليئة بالإبداع والمشاعر.
بدأ عباس ريغي السهرة بأداء أغنية “لله وكلت أمري”، حيث أطلق بصوته الشجي رسالة تعكس معاني التوكل والتسليم لله. ومع الأغنية الثانية “اتمكن الحب في فؤادي”، أخذ الجمهور في رحلة إلى عالم العشق الصوفي الذي يُعتبر جزءًا أصيلًا من تراث المالوف الجزائري.
ثم تألق بأداء أغنية “إن لم يكن في الملاح غزالي”، حيث أبدع في إبراز المعاني العاطفية التي حملتها كلمات الأغنية، مصحوبة بأنغام تأسر القلوب. ومع تقديمه للأغنية الشهيرة “البوغي”، وصل التفاعل مع الجمهور إلى ذروته، حيث غنى الحاضرون معه في تناغم مثالي، في مشهد يعكس عمق ارتباط الجمهور بهذا الفن الأصيل.
أعاد ريغي إلى الأذهان عبق مدينة قسنطينة، عندما غنى أغنية “صالح باي”، التي تعد تحية لواحد من رموز المدينة التاريخية. واستطاع بصوته وإحساسه أن يُبرز جماليات الأغنية ويُلهب مشاعر الحاضرين، الذين تجاوبوا معه بحرارة وتصفيق متواصل.
وقبل إسدال الستار على هذه السهرة المميزة، أدّى ريغي أغنية “نجمة”، التي نقلت الجمهور إلى أجواء رومانسية حالمة، تلتها الأغنية الخالدة “جاني ما جاني”، التي كانت خير ختام لسهرة موسيقية لا تُنسى. تمايل الجمهور مع الإيقاعات، وردّد كلمات الأغاني في انسجام يعكس روح المالوف المتجذرة في الثقافة الجزائرية.
لم تكن هذه السهرة مجرد حفل ختامي، بل كانت احتفاءً بالتراث الجزائري وإعادة تأكيد على مكانة المالوف كفن خالد يُحاكي الروح ويُلامس القلوب. تفاعل الجمهور الحاضر كان دليلاً على نجاح هذه الطبعة من المهرجان، التي جمعت بين عبق التراث والتجديد، وأثبتت أن قسنطينة لا تزال الحاضنة الأمينة لهذا الفن العريق.